Arabic Nadwah
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Arabic Nadwah

مرحباً بكم في منتدى الندوة العربية
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات بقلم : محمد سنجر)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد سنج
زائر




جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات بقلم : محمد سنجر) Empty
مُساهمةموضوع: جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات بقلم : محمد سنجر)   جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات بقلم : محمد سنجر) Emptyالجمعة فبراير 13, 2009 11:18 am



( الدقة الأولى )



( وقع الخبر على رأسي كالصاعقة ،
دارت الدنيا من حولي ،
زاغ بصري ،
غير معقول ، لا لا لا يمكن .
اغتصب مسامعي صوته الأجش )
ـ الإذاعة أعلنت الخبر الآن .
( صرخت بأعلى صوتي )
ـ لا ا ا ا ا ا ا ، كذب ، خداع ، إفك ......
( تجمع الناس حولي ، جريت كالمجنون أحاول الهروب ، صرخت فيهم )
... أيها الكاذبون ، أيها الخادعون ......
( و لا حياة لمن تنادي ، خشب مسندة تلفني ، هذه الوجوه السلبية الجامدة ، انحنيت أتناول حفنة من تراب )
.... لا ، لم يمت ، لم يمت ، لم يمت ...
(قذفتهم بها )
... لماذا تنظرون إلي هكذاااااااااااااااااا ؟
... أنا لست مختلا عقليا أيها التعسون ، لااااااااا ....
( تناولت أخرى و قذفتهم و أخرى )
... لا يمكن أن يموت ، إنه أكبر من أن تصرعه رصاصة غادرة ....
( اقتربت منهم ، ضاقت الدائرة من حولي )
... نعم هو أكبر من أن يسقط و لم يكمل ما بدأه أو يحقق ما أراد ....
هل نسيتم ؟
كم مرة أكد فيها الأوغاد أنه مات ؟؟؟؟
هه ؟؟؟
كم مرة قالوا أنه قضى نحبه من قبل ؟؟؟؟؟
و لكنه سرعان ما كان يخرج علينا ليفضح كذبهم ،
أليس كذلك ؟
أرجوكم ، فليرد علي أحد ...
( ترقرقت صورتهم بعيني ، سقطت جالسا على الأرض ، حاولت كبت هذا البكاء الذي يغلي بصدري )
... أرجوكم ، بالله عليكم ، ألم يحدث هذا من قبل ؟؟؟؟
( عندها وضعت رأسي أرضا ، أجهشت بالبكاء ، رفعت نظري إليهم مستعطفا )
... أرجوكم فليكذب أحدكم الخبر ، بالله عليكم ...
( طالعتني آلاف من عيون البائسين الجياع من حولي ، انحنت رؤوس العاطلين المكبوتين المضطهدين ،
ترقرقت الدموع بأعين الطامحين إلى لقمة العيش ،
حزن اختلط بيأس و خوف و ذل في خنوع لفني ،
احتضن (الشيخ إمام) عوده كما تحتضن الأم طفلها ،
حاول أن يتغلب على أوجاعه ، خرجت الحروف من فمه مرتعشة تتحشرج )
ـ جيفارا مات ، جيفارا مات ،
آخر خبر ف الراديوهات ،
و ف الكنايس ، والجوامع ،
و ف الحواري ، و الشوارع ،
جيفارا مات ، و اتمد حبل الدردشة و التعليقات ،
مات المناضل المثال ، يا ميت خسارة ع الرجال ،
مات الجدع فوق مدفعه جوه الغابات ،
جسد نضاله بمصرعه ومن سكات ،
جيفارا مات ، جيفارا مات ......
( وجدتني أقف ، أضع يدي على فم الشيخ إمام ، أسحب بيدي الأخرى العود من بين يديه ، أصرخ فيهم )
ـ لا لم يمت ، جيفارا لم يمت يا شيخ إمام ؟ أليس كذلك ؟
عم احمد ، جيفارا لم يمت يا عم أحمد ، هه ؟؟؟
أرجوكم كذبوا الخبر ،
جيفارا أكبر من أن تقتله رصاصة غدر ، ابحثوا عنه في كل مكان ، ابحثوا عنه وسط الغابات ، ابحثوا عنه حيثما يوجد الفقراء و المساكين ،
لقد وعدنا بتحرير فلسطين ، نعم لقد أقسم أمام عيني بتحرير العراق و الشيشان ، وعدني بعالم يخلو من الذل و المهانة ، ابحثوا عنه حيث يوجد اليأس و الخوف و الذل و حتما ستجدونه حيا ،
أليس هو من قال : أينما وجد الظلم فذاك وطني ،
ابحثوا عنه في قلب كل فقير و جائع ، ابحثوا عنه في مصر ، في مستنقعات كوبا ، فتشوا عنه في أدغال الكونغو ،
( دققت كل الأبواب )
أنادي بعلو صوتي :
ـ أيها التعساء ، ابحثوا عن جيفارا في البوسنة و الهرسك ،
ابحثوا عنه في تشيلي ، كولومبيا ، جواتيمالا ، اسألوا عنه في بوليفيا ،
ستجدونه حيث يوجد المساكين ،
ستجدونه حتما ،
نعم فبقلب جيفارا نار تشتعل ،
تدفعه دفعا ليقف في صف كل مظلوم على وجه الأرض ، إلى جانب المعذبين في شتى أنحاء العالم ...
( أرفع يدي عاليا )
... يحمل الشعلة لينير الطريق أمام ملايين البؤساء ...
( أمسك بأيدي الأطفال )
... يأخذهم إلى الحرية و الحق و العدالة ،
جيفارا هو الثورة تمشي على قدمين ، لا يعرف التراجع لقلبه سبيل ، متواضعا لا يتسرب الهوى لنفسه ...
( أربت على كتف أحدهم )
... جيفارا الرفيق الرقيق الودود ...
( انطلقت أصرخ ثانية )
... و لهذا فهو جيفارا الذي تعرفونه جيدا ،
جيفارا الذي كبر في أعيننا يوما بعد يوم حتى صار هذه الأسطورة ، نعم أصبح هذه الأسطورة التي نحلم بها و يحلم بها كل مسكين جائع مظلوم في هذا العالم ،
و بعد كل هذا تقولون أنه مات ؟؟؟
لا و ألف لا ، جيفارا لم يمت ،
لم يمت ، لا لا لا لم يمـــــــــــــــت .







( الدقة الثانية )



مازال صوت الشيخ إمام في أذني ينشد )
( جيفارا مات ، جيفارا مات )
أخذت أتمتم :
ـ لا لم يمت ، سأبقى العمر كله أبحث عنه في كل مكان .
( أعادني صوت دقات القطار على سندان القضبان الحديدية إلى حيث أجلس ،
أخذ القطار يأرجحنا ذات اليمين و ذات اليسار ،
نظرت من نافذة القطار فإذا به يشق السهول الشاسعة التي اكتست باللون الأخضر ،
أضفت عليه أشعة غروب الشمس طيف برتقالي شاحب ،
أخذت أراقب قطيع السحب البنفسجية التي شتتها الرياح هنا و هناك ،
ما هي إلا لحظات حتى بدأ الظلام يخيم على المشهد ،
بدأت أتحول بنظري إلى داخل القطار ،
كانت إحدى عربات الدرجة الثالثة التي أجلس بها ،
كان الضوء بها خافتا لا يكفي لرؤية الوجوه من حولي بوضوح ،
تتسلل بين الحين و الآخر من خلال النوافذ خطوط الضوء تركض فوق الملابس و الوجوه ،
ألمح خلال ومضات الضوء البارقة وجوه منكسرة ،
صبغت الشمس بشرتهم بلون أديم الأرض ،
عائدون كعادتهم كل مساء إلى ديارهم بعد واحدة من رحلاتهم اليومية للعمل بحقول الأغنياء ،
كانت تجلس بمواجهتي سيدة نحيفة نقشت السنوات العجاف على وجهها سجلا من الأسى و المعاناة ،
كانت تحمل فوق ركبتيها منديل الصبر ،
تصره على ما جاد به أصحاب المزارع التي تعمل بها ،
صوت اعتصار معدتها الخاوية تحرش بمسامعي ،
عندها لمحت ظلال أفراخها الجياع تتراقص بمقلتيها ، يستقبلونها مهللين ، يقفزون لينالوا من فمها العطايا ،
تحاول أن تمنع لمعة أسنانها التي كادت أن تتسلل من بين شفتيها لكنها تفشل ،
لمحتني انظر إليها ، ازدادت ابتسامة الرضا اتساعا ،
وضعت كفها خجلة على فمها ، حاولت تبادل أطراف الحديث معها )
ـ مرحبا .
ـ مرحبا يا بني ، يبدو انك لست أرجنتينيا ، أليس كذلك ؟
ـ نعم إنما أنا هنا للبحث عن صديق قديم اسمه جيفارا ؟
هل تعرفينه ؟
( قفزت من عينيها علامات الاستفهام ، حاولت تنشيط ذاكرتها )
ـ جيفارا ، جيفارا ؟؟ إرنستو جيفارا دي لا سيرنا ؟؟
( لوت شفتيها و هزت رأسها و كأنها لا تفهم ما أقول ،
عندها مالت إلى الرجل الذي يجلس بجوارها و سألته )
ـ هل تفهم ماذا يقول ؟
( عندها وجهت سؤالي إليه )
ـ هل تعرف جيفارا ؟
( هز الرجل رأسه أحسست انه أيضا لا يفهمني ، عندها ناديت بالجالسين )
ـ ألا يوجد أحد أرجنتيني هنا ؟
( عندها رفع جميع الجالسين أيديهم ، قال احدهم )
ـ نعم أنا أرجنتيني ، ماذا تريد ؟
ـ ألا يعرف أحدكم جيفارا ؟
( خيم الصمت على الجميع ،
عندها تذكرت أنهم يطلقون عليه ( تشي ) فقلت لهم )
ـ هل يعرف أحدكم تشي ؟ تشي جيفارا ؟
( عندها لمعت أعينهم و كأنهم فهموا ما أقصده أخيرا )
قال أحدهم :
ـ تشي جيفارا ؟ ( نطقها بالجيم غير المعطشة )
نعم ، نعم ، ( وجه كلامه لمن حوله ) يقصد الهارب .
ـ هل تعرفونه ؟
( قال آخر )
ـ نعم أنا أعرف ( تشي ) .
ـ هل تعرفون أين أجده ؟
( ارتفعت ضحكات الجميع ، حاول بعضهم التماسك )
قال أحدهم :
ـ عذرا ، هل تبحث عن تشي جيفارا بالأرجنتين ؟
ـ أو ليس أرجنتينيا ؟
( قاطعني آخر )
ـ لا لم يكن يوما أرجنتينيا .
( قالت المرآة )
ـ نصيحتي لك يا بني ، ابحث عنه في أي مكان آخر إلا هنا .
( قاطعتها امرأة أخرى )
ـ اذهب و ابحث عن جيفارك هذا في جواتيمالا ، أو كوبا ، أو بوليفيا ، أو الكونغو ، و لكن نصيحتي لك ألا تحزن على قطعك كل هذه المسافات ، فأنت تجري وراء سراب .
( سألني الرجل الجالس بجواري )
ـ من أي البلاد أنت ؟
ـ أنا عربي .
ـ هل في بلادكم يمكن أن يترك الرجل أهله و يرحل ؟
هل يمكنك مثلا أن تترك أطفالك الصغار ضائعين مشردين لا عائل لهم بحجة أنك ذاهب لتعتني بأطفال مشردين في بلد آخر ؟
هل هذه رجولة و بطولة في نظركم ؟
ـ عفوا سيدي ، و لكنه رحل بعد أن أصبح طبيبا حتى يساعد الفقراء و المحرومين و المرضى مثل المصابين بالجذام مثلا في بلاد أمريكا اللاتينية .
( ضحك الجميع مرة أخرى ، لمحت الدموع تترقرق في عيون المرأة التي تجلس أمامي و قالت )
ـ هل تضحك على نفسك أم تظن انك تضحك على أناس أميين لا يقرئون و لا يكتبون مثلنا ؟
أو ليس هنا فقراء في الأرجنتين ؟؟؟؟
أو ليس هنا مرضى كانوا في أمس الحاجة إليه ؟
( قاطعها رجل آخر )
ـ لقد كان شخصا غاية في الأنانية ، (تشي) لم يحب في هذا العالم إلا نفسه فقط .
( قال آخر )
ـ كان مثله (أنا و بعدي الطوفان) ، بالله عليك ألم يترك والده و والدته المسكينة التي أخذت تبكيه ليل نهار و رحل ؟
ألم يترك زوجته الأولى هيلدا و رحل ؟
ألم يترك زوجته الثانية و أولاده منها في كوبا و رحل ؟
( قالت المرأة )
ـ من لا خير فيه لأهله فلا خير فيه للغرباء ؟؟؟؟؟
ـ عفوا ، و لكنه كان مطاردا من المخابرات المركزية كما علمت .
( قال الرجل بجواري )
ـ أية مخابرات مركزية التي تطارد طالبا أنهى دراسة الطب أيها الأبله ؟؟؟؟؟
( حاولت الدفاع عنه )
ـ أنتم تظلمون الرجل فلقد كان رجلا رومانسيا رقيقا ودودا رحل وقتها لإشباع هوايته بالتصوير و اصطياد الفراشات .
( قال الرجل بجواري )
ـ هل البطولة عندكم أيضا اصطياد و قتل الفراشات لا لشيء إلا لمجرد أن تزين بألوانها غرفتك ؟؟؟؟
أي رومانسية و رقة في هذا بالله عليك ؟؟؟؟
ـ لا لا لا ، انتم تظلمون جيفارا ، أنتم تتحاملون عليه ،
رجل مثل جيفارا يجب أن تفخروا به ،
يجب أن يكون قدوة و مثالا لكل الأرجنتينيين .
( ردت المرأة بصوت مرتفع و كأن صبرها قد نفذ)
ـ و ماذا فعل لأهله و للأرجنتين و فقراء و مرضى الأرجنتين؟
( عندها توقف القطار )
ـ عفوا فلابد لي أن أنزل بهذه المحطة .
( حملت حقيبتي و نزلت ، تتبعتني عيونهم و أنا أقف على الرصيف ، بدأ القطار في التحرك ببطء ، أخرج البعض رأسه من نوافذ القطار يلوحون لي بأيديهم ، عندها رفعت صوتي لكي يسمعني الجميع )
ـ فإذا لم يكن جيفارا مثالا لكم كما تقولون ، فمن يكون مثلكم الأعلى إذن ؟
( عندها بدأ أحدهم يفك أزرار قميصه فظهرت صورة مرسومة على ملابسه الداخلية ، ثم قال )
ـ دييجو أرماندو مارادونا .
( صرخت )
ـ مدمن المخدرات ؟؟؟؟؟؟
( رد أحدهم بصوت عالي )
ـ كلاهما ليس قديسا أيها الأبله .
( عندها علا التصفيق بينما بدأ القطار يبتعد رويدا رويدا ، إلا أن صوتهم ملأ الفضاء من حولي ، أخذوا يتغنون )
ـ مارادونا ، مارادونا ، مارادونا .
( يتبع )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات بقلم : محمد سنجر)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع ( جيفارا الذي لا يعرفه أحد ) دقات بقلم :محمد سنجر
» تابع ( جيفارا الذي لا يعرفه أحد ) دقات بقلم :محمد سنجر
» تابع (جيفارا الذي لا يعرفه أحد ) دقات بقلم : محمد سنجر
» وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
» بوش والجزمة (زجل بقلم توفيق راضى)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Arabic Nadwah :: ندوة :: قصة قصيرة-
انتقل الى: