محمد بوحوش
عدد الرسائل : 4 تاريخ التسجيل : 21/08/2008
| موضوع: إشراقات السّديم الأحد نوفمبر 16, 2008 7:44 am | |
| إشراقات السّديم
تهجّيتني ، واقتحمتِ تخومي وأدركـتِني ، حين كنتُ هناك على مقعد في الحديقة ، أحضن موج الفراغ . أراكِ ، كأن لا نهار، سواكِ على تمتمات أصابعك المرمريّة أرفو طيـوف ظلاليَ بالأرجوان أموت وأحيا ، ألملمني من رمادي أحاورك كي تقولي ، أحاورُ لؤلؤة جارحة .. أحاول هذا السّراب /.. الخراب / الخواء /الهباء ، أحاول هذا الضّياء /.. الصّفاء / الجلال البهاء ، أعدّ لتيهي قلاعا ، لأدخل في السّلسبيل الجميل . أقول : تعالي إلى أوّل الماء تعالي إلى أوّل الطين ، لكي نبدأ الخلق توّا فإنّا هنا منذ ألف وألفٍ وإنّا هنا منذ صفر، وإنّا خلقنا لعهد مؤجّل وإنّ السّحاب الذي بيننا ، ليس غير نشيـج من الشّهوات . أحاورك كي تقولي ، وألبس هذا الغموض الكثيف ، أقولُ : خذينـي إلى وطن آخر غير تيهي لئلاّ أراني على صورتي ، واضحًا كمرايا النّهار . ولا تأخذيني إلى وطني ، - وطني غامض كالمجاز - خذيني إلى قلق الرّيـح إلى بهجة الموت ، إلى غفوة السّـكر ، إلى مثل هذا البكاء الجميل خذيني ؛ ولا تشربي من مدام كرومي فهذي الغيوب مقامي ، وهذي السدوم كشوفي وهذا أنا ،.. بين نور، ونار تجلـّيتُ لي ، تجلّيتُ حتّى كأنّي اِعتراني الإله ، وأدركـتُني سابحا في غيومي : ههنا في السّديم البعيد، ولدتُ رقصتُ ، حلمتُ بغير الذي فيه كنتُ عشقتُ ، سموتُ ، وتهتُ .. على هذه الرّيـح سرتُ ، عشقتُ .. وعشتُ .. .. وبعدُ ؟ .. وقبلُ ؟ ثم عدتُ إلى أوّل العهد بي ، حلمتُ ، سموتُ ، وطرتُ .. دنوتُ من الموت ثم وقعتُ على آخري . - سنحيا معا فوق هذا السّديـم ، تقولُ، نسيـرُ يدا بيد ، عاريـيـن ، إلى ملكوتِ الغياب نسيرُ، ونركض في جسد الضوء ، في دهشة الريـح ، نركضُ في الماء .. وفي الماء نطفئ رغبتنا ونموتُ .- وأنهض من عدمي فاترًا ، هاتِفا : كيف علـّمتني كلّ هذا ؟ كيف أحيـيْـتني ، ورميتني " وما رميتِ إذ رميتِ " أحاورك كي تقولي ، وأعلم أنّك فوضى ومعنى على شكل موت ، وموت . - وحين اللـّقاءَ يكون تُهيّء مجلسنا في المساء تُعدّ لنا كالنّبيذ من القهوة المشتهاة ، تقولُ : شدَّ أوتار حنجرتي يا غريب فكَّ صدري من الأسر، أَوْ حُكَّ ظهري على مهلٍ يا نديمي ، أو إن شئتَ مرّر على جسدي موجة القمح ، أو شهقة المستحيل .- شفيفًا يعود حضورك حينا ... كسّر كغيبٍ ، كطير ، وبهجة خيل ، ورقصة نجم ، فنمضي معا فوق لوح السّماء نطيرُ أنا في سمائك ليل ، وأنت دليلي .. تمرُّ فصول علينا ، فنتلو حديثا بعيدا عن الحبّ والأمنيات تقوليــن لي : إلى أقصى هذا الغموض نسيرُ ؟ إلى أقصى هذا القديمِ ؟... فكيف سأشرح لغزا جميلا، أقولُ .. حزينا يعود حضورك حينا ، إليكِ أعودُ لئلاّ أعود إلى عدمي ومحتفلا بنقائي ، أخرجُ منكِ ، لئلاّ أرى في غدي ظلّ أمسي . ولكنّني أرتديك ذهولا ، جنونا ، وشوقا كأنّكِ كلّ المتاع ، طقوس جلالي ، صلاتي ، وموتي... أنا رعشة الرّوح فيكِ أنا خالق ، والمشيئة أنتِ ، وطينك طوعٌ لخلقي .
| |
|